لم أتفاجأ قبل أيام بإقدام من كان يوما ما دبلوماسيا بنشر مقال حول بطل قومي أجمعت الأمة كلها على نبله و رفعته و صكت عبارة " أغلظ من الكفية " للتعبير عن مبلغ شهامة و إباء هذا الأمير لمباركي الملقب بفارس الشعراء و شاعر الفرسان .
لم أتفاجأ طبعا لسابق علمي بفشل هذا الدبلوماسي في الفترة التي كان فيها وزيرا و إخفاقاته في التواصل و تمثيل الوطن لما كان سفيرا.
لم أتفاجأ لسابق يقيني أنه كان دوما دبلوماسيا بالمنصب و التعيين و ليس بالسلوك أو التصرف.
لم أتفاجأ عندما انتحل صفة أمير ليقيني أنه - إن ضمن سكوت من يعرفونه على حقيقته – لن يتوانى مستقبلا عن انتحال صفة ملك أو سلطان على غرار سلاطين أهل بهدل الأماجد.
لم أتفاجأ لكون منتحل الصفة حاول نيل ما ليس منه رجاء ( طمس مجد اولاد امبارك) و هو يدرك في قرارة نفسه أنه يطلب شيئا هو و النجوم في البعد سواء.
ما فاجأني حقيقة هو أن السيد محمد لمين ولد سِداتي و السيد أعمر ولد بوسيف كلفا نفسيهما عناء الرد على ما فاه به منتحل الصفة من تفاهات.، خصوصا أنهما معا من "اللذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" (صدق الله العظيم)
و رغم أني أربأ بنفسي أن أتفاعل مع المنتحل في شطحاته العصبية أو أن أجيبه على ما ادعاه لنفسه و اتهم به غيره، إلا أني أرجو بل أعَول على تفهم السيدين محمد لمين ولد سِداتي و أعمر ولد بوسيف لعتابي لهما ( و عتابي كبير كِبَرَ حبي لهما ) و لست أعاتبهما إلا على تشريفهما له بتعليقهما على محاولته الخطابية الفاشلة : أولا، لأني أعتبر أنهما و ضعاه في أكبر من موضعه الحقيقي، و ثانيا لأن التعقيب و التعليق شرف لا يستحقهما إلا من كان أهلا لهما، و أخيرا و ليس آخرا، لأني أتخيل نشوة منتحل الصفة ، و قد أحس أنه جالس على نفس منبر الحوار على قدم المساواة مع السيدين محمد لمين ولد سِداتي و أعمر ولد بوسيف.
قال المرحوم ولد باي مُعرضا عن المرحوم ولد مين :
امنادم كَـاطع ولْ مينْ @ تكسرها لُ لمغنيينْ
و اتْكَـول الناس امْغَنْيَـيْنْ (2 ) @ ذاك النَّقْصْ عْلى بابُ
و أنا مومن و المومنينْ @ كم من نوْبَ ينصابُ
و لْوَاساني ما نـنْفْكَـعْ @ و انْعود أنا مغتابُ
بيَّ نعرفْ لحمْ السّْبَعْ @ تأكُلُه الذئابُ
ما هو البديل عن جواب من لا يستحق الجواب؟
البديل في نظري هو توجيه بعض الأسئلة ، ليس لمنتحل الصفة ، بل وضْعُها برسم عموم البِظان داخل موريتانيا و خارجها، لأن مثل هذه الأسئلة أهم في السياق الراهن من الأجوبة رغم أهمية هذه الأخيرة و معرفة الناس بها مسبقا.
و من هذه الأسئلة مثالا لا حصرا :
كم من قرن دام حكم أولاد امبارك للحوضين و غيرهما؟ (زهاء 3 قرون)
كم من سنة دامت مشيخة المنتحل؟ (أقل من 50 سنة )
3. لماذا ترفض بعض القبائل أو على الأقل تتضايق من سماع شكر كل قبيلة تعتبرها مناوئة لها، بينما لا تتحسس ( بل غالبا تَطْربُ ) جميع القبائل لسماع شكر أولاد امبارك، في جميع أماكن تواجد البظان داخل موريتانيا و خارجها؟
4. كيف ان هيكلة السلطة اتضحت معالمها و تكاملت أدوارها في دولة اولاد امبارك في كافة أشكالها : السلطنة في مكان و الإمارة في مكان آخر و الشياخة العامة في مكانٍ غيرهما؟
5. لماذا انحصرت هيكلة السلطة عند المنتحل في نظام المشيخة و لماذا لم تعمر هذه السلطة إلا 50 سنة بالكاد ؟
ما هي المقامات و المعزوفات الموسيقية التي سطرت تاريخ أولاد امبارك بمداد من ذهب، و سميت بأسماء أمرائهم و سلاطينهم و سارت بها الركبان في مجموع تراب البظان؟ [الكرس، الفايز، كتفو، ازْريكة خطري، المشوش، انترش، التحزام التناعيت، آوديد، ابّاطات، الزوزيات، الصولة ، لعروصية و هذا مجرد غيظ من فيض....]
ما هي المقامات و المعزوفات الموسيقية التي سطرت تاريخ المنتحل ؟
:كيف قاوم اولاد امبارك المستعمر الفرنسي في مختلف المراحل و أسروا جواسيسه و مبشريه أمثال Mango Park و غيره، رغم أنه طُعنوا في الظهر عدة مرات من طرف بعض المسلمين الأفارقة الذين كان من المفترض أن يتحالفوا معهم في مقارعة المستعمر؟
من سلم مفاتيح الحوض للفرنسيين في نهاية المطاف مقابل استفادات مادية و دنيوية منها أن يخلع عليه الغزاة لقب الإمارة، و لو إلى حين ، و منها تثبيت أقدام الأبناء و الأحفاد في هرم السلطة الاستعمارية الفرنسية المحدثة بمراسيم تصدر من أندر و باريس.
لماذا – و كلما وجد الفرصة – يُفاخر هذا المنتحل بالأوسمة و النياشين الممنوحة له و لأهله من طرف المستعمر و يتباهى بخدمات و إنجازات هذا المستعمر مثل العبد المخصي الذي يتفاخر بفحولة سيده ؟
ختاما و عودا على بدء نقول، ليس للمنتحل ، بل لأولي الألباب داخل و خارج موريتانيا :
إن شخصا مغمورا إذا أراد فعلا أن يكتسب مجدا لم يكن يمتلكه من قبل، عليه أن يفعل شيئا لم يكن أهلا له في السابق، وعليه أن يترك عنه الطعن في قبيلة مجيدة يعرف في قرارة نفسه أنه شخصيا لا يُصدق ما قاله في حقها فكيف يأمل أن الناس سيفعلون؟
و نتجه للباري تعالى يالدعاء التالي:
يا فارج الهم و يا كاشف الغم ، فرج هم هذا السفير (سابقا ) و يسر أمر هذا الوزير ( سابقا ) و ارحم قلة حيلة هذا الأمير ( الذي كان شِيخا بكسر الشين و لم يكن أميرا لا سابقا و لا لااحقا )
بقلم : يوسف ولد لعبيدي