يعتبر الوقف ركنا سويا، قامت عليه عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فوصف حلا للكثير من المشاكل الحضارية عموما ومن بين هذه الأمور البنية التحتية، فعند كل فصل خريف، يتصور لنا ما تعانيه هذه البنية التحتية من العشوائية، (فغالبية الطرقات الرئيسية، تسيطر عليها البركة والمستنقعات )، مما يسبب الضرر للسكان، صحيا وحضاريا، فالحاجة ماسة إلى إنشاء بنية تحتية قويمة، فكيف يستطيع الوقف القضاء على هذه الظاهرة ،من منظور الاقتصادالإسلامي؟
- التأصيل والمفهوم:
لقد كان الوقف أداة اقتصادية مهمة ، اعتمدت عليها الدولة الإسلامية في تحقيق التكافل الاجتماعي، وتحميل المسؤولية الجماعية، لكل أفراد الأمم ، فالدين الإسلامي، حث على ضرورة الوقف ،وجعله مسارا للاستثمار الدنيوي و الأخروي الكتاب قال تعالى: ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وماتنفقوا من شيء فإن الله به عليم)
السنة : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث، صدقة جارية وعمل ينتفع به، وولد يدعو له) ،
فيمكن تعريف الوقف أنه" تحبيس المنفعة مع بقاء الأصل، " فالمؤسسات الوقفية دعامة تنموية ،لتكميل النواقص التعليمية والصحية والعسكرية وغيرها، وقد اقتُبست فكرة الوقف لاحقا من طرف الغربيون فأطلقوا عليها مصطلح "المجتمع المدني،" فاستنسخت، وعُمل على تعطيل دورها الريادي في كثير من الدول الإسلامية، !!
فهل يمكننا إنشاء بنية تحية من خلال مؤسسة الوقف؟
إن مؤسسة الوقف هي مكون بناء وتشييد، فأول من وقف في الإسلام، كان الرسول صلى الله عليه وسلم، حين بنى مسجد قباء، وقد جُهِّز جيش العسرة، بِعُدّة اشتراها الخليفة عثمان من ماله الخاص، مساهمة منه لدعم الجهاد ،ونشر الرسالة الإسلامية، كما أن وقف بئر رومةَ، مشاركة أخرى لتلبية الحاجة الاجتماعية ،وموازنة للطلب الملح على وجود مورد مائيّ صالح للشرب، فانبرى له عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم تلا ذلك خالد ابن الوليد، الذي أوقف درعه في الجهاد ، تسد ثغرة، وناقصة لوجستية للمجاهدين، ثم إن عمر رضي الله عنه أوقف أرضا بخيبر، تأوي أسرة متعففة من الأمة الإسلامية، وبناء على هذا كله، فإنه يتوجب علينا تنشيط المؤسسات الوقفية وعدم اختزالها في رعاية المساجد فقط، رغم أهميتها، وتشجيع الموسرين، لتقديم خدمة ومنفعة للإنسانية ،واستغاثة داخلية للدولة ،ربما أخف ضغطا من النداء الخارجي ، فيمكن توجيه رجال الأعمال ،والمؤسسات المهمة، والموانئ وغير ذلك إلى تحمل المسؤولية الوقفية، بإنشاء جزء من الطرقات، والمدارس والمستشفيات والمكتبات إلخ،،،
ومرورا بما سبق، فإن الوقف حقيقة له دور بارز في التوزيع العادل للثروة، وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، ورعاية واحتضان الطبقات الهشة التي نسف الأنظمة الاقتصادية (الرأسمالية والاشتراكية ) آمالها ،واتخذتها لجّة لسنّ السياسات، والتدخل السيادي في الدول الإسلامية! ،
فهل نؤسس مؤسسة وقفية مستقلة لسد الثغرات والنواقص الضرورية