في يوم الكتاب العالمي ، يبزق كالنجم في سماء ذاكرتي أول كتاب قمت بقرائته .
النظرات" للمنفلوطي ، لا أتذكر على وجه الدقة كيف عرف طريقه لي ، ولأنه كان في بيتنا صحفي ، نسجت علاقة مبكرة مع الورق ، اعتدت على رائحته وملمسه وبياضه ...
كانت الصحف تدخل بيتنا في كل يوم كالخبز ، كنت أقف عند النافذة ، أرقب خالي قادما من بعيد ، متأبطا صحيفة وفي يده محفظة ...
في إحدى مكتبات "كيفه" ، المطلة على السوق ،وسط المدينة ، فتنت بكتاب مترجم ، يسرد حياة العلماء و المخترعين في العالم .
عندما فرغت من قراءته ، حملت معي توماس أديسون ومارى كوري ، ورحت أفتش في البيت عن إختراع أدخل به التاريخ !
عشت لسنوات وحدي في غرفة ، وسط حي ، بمدينة نائية . لكني وعلى الرغم من كل ذلك ، لم أشعر يوما بالوحدة !
وكيف لي أن أشعر بها وعند رأسي ، فوق المكتب ، يطل وجه طه حسين ، بنظارتيه السميكتين ، يحكي لي سيرته في "الأيام " ، ويروي لي الجاحظ حكايات مسلية حول "البخلاء " ، ويحدثني احمد زويل عن رحلته من مدينة "دمنهور " إلى معانقته لجائزة نوبل في "عصر العلم " ، وأركض مع ماركيز خلف البطريرك خوسيه أركاديو بوينديا ، الهارب من المدينة بعد قتله لأغيلار في "مئة عام من العزلة " و أتابع خطوات البناء من الأساسات وحتى السقف ، رفقة المهندس عثمان احمد عثمان في "صفحات من حياتي " ، و محطاته من مقاول صغير إلى رأس شركة " المقاولون العرب " الشهيرة ...