سيدي مولود ولد ابراهيم الإداري الذي أنقذ الإذاعة الوطنية ( مقال )

سبت, 2019-02-09 13:02

قادما من تكانت كآخر مهمة إدارية توكل إليه، حاملا في جعبته خبرة كبيرة جمع تفاصيلها على امتداد ربع قرن في دهاليز الإدارة متنقلا بين وزارة الداخلية والتنمية الريفية سابقا والبيئة ومفوضية الأمن الغذائي ووكالة التضامن؛ وأمام باب الإذاعة التي فتحت له أبوابها كمدير جديد منذ شهرين، كان هناك سؤال معلق في الفراغ، تتناقله الشفاه، ويتردد صداه في الصحافة والصالونات ووسائط التواصل الاجتماعي: ماذا يفعل ولد ابراهيم على رأس أكبر مؤسسة إعلامية في البلد؟ ولماذا يختار رئيس الجمهورية إداريا مدنيا عريقا في وزارة الداخلية لتولي مهمة إعلامية معقدة؟  

 

في الحقيقة لهذا السؤال ما يبرره، غير أن الجواب بدا أكثر بداهة من أي سؤال آخر، خصوصا للعارفين بطبيعة الإذاعة، والمتتبعين للثغرات الإدارية التي تنخر عظامها منذ بعض الوقت، والمطلعين على خفايا وخبايا الخلل الذي يضرب هذه المؤسسة العملاقة والصفقات التي تدار تحت الطاولة وفوقها والتي أدت إلى تدني مستواها ومنعتها من لعب دورها الريادي كصرح إعلامي كبير ومؤثر.

 

دلف الرجل الستيني ذو الملامح الصارمة والتجربة الإدارية الطويلة والكاريزما التي لا تخطئها العين، بوابة الإذاعة وهو يحمل في يمناه ثقة رئيس الجمهورية والحكومة في أن ينقذ ما تبقى من ماء وجه أعرق مؤسسة إعلامية في البلد ويعيدها إلى سكة النجاح والتميز في فتراتها الذهبية السالفة، وفي يسراه يحمل تاريخه كشخصية وازنة ومؤثرة لس فقط في ولاية لعصابة، حيث عمقه ومسقط رأسه، وإنما في موريتانيا عموما.. كل هذه الصفات والمكتسبات أعطت للرجل سرعة ابتدائية وإصرارا على الإصلاح دون تردد؛ عرف المشكلة سريعا، شخص الخلل وباشر في العلاج دون إضاعة للوقت.

 

ربما لا نخطئ إذا قلنا إن أهم خطوة وأكثرها ذكاء هي تلك التي أقدم عليها المدير الجديد للإذاعة، وهي المتعلقة بالعمل على الهيكلة الإدارية، حيث كانت الإدارة كعلم وفن وأسلوب للتسيير شبه غائبة عن الإذاعة سواء فيما يتعلق بالمصادر البشرية أو الموارد المادية واللوجستية أو فيما يتعلق بروح الإدارة نفسها ومرونة العملية الإدارية في مختلف مراحلها. ولأن الرجل إداري محنك فقد استثمر خبرته الطويلة في الإدارة كي يخلع رداء الإصلاح بدءً بتلك النقطة تحديدا عن وعي وإدراك بأن إصلاح الإذاعة يبدأ من إصلاح هيكلتها الإدارية وتوفير ظروف مناسبة ومرنة للعمل.

 

لا يخفي الرجل عدم خبرته في قطاع الإعلام ولكن خطته تعتمد على عنصرين متوازيين، سيستخدم خبرته في الإدارة التي يتقنها ويمارسها بشغف وإبداع حتى يجعل الإذاعة مؤسسة ناجحة وريادية من الناحية الإدارية، ثم يعتمد على خبراء الإعلام سواء في الإذاعة أو من خارجها للعمل داخل هذا الجو الإداري المريح متيحا لهم فرصة الإبداع وإعطاء كل ما باستطاعتهم؛ وبالتوازي يتواطأ التسيير الإداري المعقلن مع المحتوى الإعلامي الهادف وتكون النتيجة في نهاية المطاف رسالة إعلامية ناجحة ومؤسسة متطورة.

 

شهر ونصف هو عمر الإداري سيدي مولود ولد ابراهيم على هرم الإذاعة كانت كافية ليولد الحلم أن إذاعة موريتانيا ما زالت قابلة للحياة والعطاء والتميز والريادة الإعلامية في موريتانيا وأن قادم الأيام يبشر بمستقبل مشرق لإذاعة موريتانيا وأن هذه المؤسسة العريقة ستعبر بهدوء ونجاح تحدي مسايرة ومواكبة الانتخابات الرئاسية القادمة وهي ترفل في جلالبيب التميز، وربما يكون تحدي الانتخابات الرئاسية القامة هو جزء من جواب السؤال الذي بدأنا به؛ فوحده إداري من طينة سيدي مولود يمكنه أن يكون الربان الأنسب لعبور الأمواج السياسية المتلاطمة على شاطئ استحقاقات 2019  وهو يقود الإذاعة بكل ثقة إلى بر الأمان وكسب ود كل الأطراف السياسية المتنافسة.

نقلا عن موقع الشاطيء الإخباري .