خطاب الكراهية هو كل قول أو تقرير أو فعل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات الدينية أو الطائفية أو العرقية ... أو من شأنه التمييز بين الأفراد أو الجماعات، و تأخذ خطابات الكراهية عدة توصيفات نجملها في العنف اللفظي المتضمن في الخطاب الدوني و الكره البين و التعصب الفكري و التمييز العنصري و التجاوزات التعبيرية القدحية و النظرة الاستعلائية في الخطاب الموجه للآخر، و هو ظاهرة سيئة انتشرت مؤخرا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، و هو مرفوض لما يترتب عليه من مخاطر و فساد في الممتلكات و الأنفس و على مستقبل البلد الذي هو وطن للجميع.
هو كل تعبير يحرض على العدوان أو العنف ضد فرد أو مجموعة أو عرق معين و يأتي غالبا في إطار حرية التعبير، إلا أن حرية التعبير ليست مطلقة بل هي مقيدة باحترام حريات الآخرين و احترام حقوقهم و بالمحافظة على السلم الأهلي و بحماية الأمن القومي، و هي القيود التي تجعل الخطاب المفعم بالكراهية يتعارض و قيم التسامح و العيش المشترك التي تحتاجها المجموعات البشرية، لذلك عملت القوانين الدولية الحديثة على ضمان حماية المساواة بين الناس، فجاء في المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية ما يلي: (... تحظر بالقوانين أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف...).
و وفقا للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، يعتبر ( كل نشر للأفكار القائمة على أساس التفريق العنصري أو الكراهية العنصرية و كل تحريض على التمييز العنصري و كل عمل من أعمال العنف أو التحريض عليها يرتكب ضد أي عرق أو جماعة من لون أو أصل إثني آخر أو كل مساعدة لنشاطات عنصرية بما في ذلك تمويلها، يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون ).
و بما أن الدين الإسلامي جاء رحمة للعالمين، لم يتسم خطابه بالوحشية و لا بتكريس الكراهية، بل كان يدعو للسلم و التعايش و المحبة، فكان يدعو الكفار لدخوله بأحسن الطرق: ( و جادلهم بالتي هي أحسن) الآية، و كان المسلمون يخشون الفتنة ( الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ) الحديث.
و في موريتانيا يعتبر خطاب الكراهية ظاهرة جديدة على مكونات هذا المجتمع المسلم المسالم، حيث ظلت مكوناته رغم اختلاف الألوان و الأعراق تتعايش كالجسد الواحد يجمعها الدين و الوطن و التاريخ، إلى أن بدأت أيادي خبيثة مأجورة تقودها أموال صهيونية تزرع بذورها في هذا الوطن من خلال استغلال بعض أبنائه الخونة الذين باعوا وطنهم بدريهمات لا تسمن و لا تغني من جوع و بمطامع بالسلطة ليسوا أهلا لها ...، فخطابهم متطرف و منبوذ و يعبر عن مستوى تعصبهم و بغضهم لهذا الوطن و لمواطنيهم، لكنهم يجهلون أن البغض هو سلاح الضعفاء و انتقام الجبناء،
فقد يكره المرء ما فيه سلامته *** و ربما يعشق الإنسان ما قتلا
إن شعبا عجز كبولاني و أمثاله عن النيل من وحدته، شعب مع قلته لم تستطع الجغرافيا الواسعة تقطيع أواصره، فظل متواصلا متراحما رغم السلاسل الجبلية و الفيافي الصحراوية و المجابات الكبرى، شعب تلاقحت فيه كل المكونات بعضها ببعض، فلا يخلو أبيض من خؤولة سوداء و العكس صحيح...، شعب يعيش نفس الظروف و يحس بنفس المشاعر الوطنية...، لن يستطيع بعض المزمرين الغوغائيين الأفاكين الساعين إلى برور العدو و عقوق الأهل و الأوطان أن ينالوا منه، خاب مسعاهم و باءت جهودهم بالفشل قبل أن ترى النور، و رد الله كيدهم في نحورهم، ( فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) صدق الله العظيم.
كتبه: لمرابط محمد أحيد النجاشي