ليكن في علمك أيها العمدة أننا في هذه المدينة نستحق أن نجد ذات يوم شوارعنا نظيفة ومبلطة، وساحاتنا خضراء مزهرة، وأن نستنشق هواء عليلا مشبعا بعبق الزهور ، لا أن نظل مزكومين بالغبار وروائح القمامة والجيف عند أبواب بيوتنا.
نريد أن نصبح على دور للشباب و مرافق للثقافة والرياضة والراحة والترفيه ،تبعث الأمل في أطفالنا وتمنحهم الثقة في المستقبل .
وإنه من حقنا عليكم أيضا - وانتم من قبل تحمل الأمانة بكل وعي ودون أي إكراه - أن تقيموا منشآت للتعليم وللرعاية الصحية وللمياه والصرف بمدينتنا ، وأن تتكفلوا بالمعدمين والمعوزين ، وأن تعتنوا بسلامة الأغذية وبالوقاية وحالة المساجد و المقابر وتنظيم الأسواق ومراقبة الحيوانات السائبة إلى غير ذلك من المهام الجليلة والوظائف الحيوية اللصقية بحياة السكان اليومية.
أكثر من ثلاثة عقود تمضي على انطلاقة مسيرة بلدية كيفه والمحصلة مخجلة ، بعيدة كل البعد عن الحد الأدنى من طموحات هذه الجماهير التي آن أن نرد لها الجميل ونحقق لها القليل مما تستحقه علينا.
طبعا هي مهمة صعبة أيها العمدة ودونها الكثير من التحديات ، وهي سهلة إذا حصلت الإرادة وصحا الضمير وتفجرت كوامن الرجولة.
لا نريد التعرض هنا لإخفاقات أسلافك من العمد لأسباب متعددة يعرفها الجميع وهنا يلزم عليك الاستفادة من تجاربهم على الأقل فتتجنب الأساليب والطرق التي أوقعت بهم .
سيدي العمدة؛ اجعل من مهمتك هذه وسيلتك للدخول إلى صفحات التاريخ الناصعة فيبقى اسمك عالقا في الذاكرة الجمعية لشعبك ، فتجلك الجماهير وتهتف باسمك حيا وميتا ويحترمك الجميع وترقى إلى مصاف العظماء.
أمكث بمكتبك وحافظ على أوقات الدوام ،وقابل مواطنيك واستمع إلى مشاكلهم ومطالبهم وهمومهم أصدقهم في القول والفعل ولا تتردد في الخروج منه إلى أي مكان في العالم للإطلاع بمهمة تخدم بلديتك.
افتح هاتفك على الدوام وخذه مسرعا عند كل رنة ووزع الصدق على كل المتحدثين إليك.
شاور مجلسك البلدي ووسع المشورة ما استطعت مع السكان وحاورهم حول أولوياتهم واهتماماتهم واجعلهم على اطلاع تام على ما يجري في بلديتهم حتى يكونوا شاهدين على كافة التفاصيل ولن تجد بعدها صعوبة في تكليفهم بما شئت.
نظم حلقات و ورشات فصلية يشارك فيها الجميع لتقييم أداء البلدية عند كل مرحلة وأفسح المجال لكافة الناس فينتقدون ويصححون ويقترحون.
خذ ضرائبك على الأغنياء بكل توازن وإنصاف وخذها من الفقراء بكل رفق و طيب خاطر ولا تفرط في أي حق لهذه البلدية على أي كان ؛وبالمقابل كن حريصا في رد ما أخذت من الناس عبر إصلاحات مقنعة تجلب النفع للجميع ويشعر بجدواها كل بيت.
حافظ على أن لا تصرف أوقية واحدة أو دينار في غير مصلحة بائنة واعمل على ترشيد موارد البلدية وصيانة ممتلكاتها وتعفف عما ليس لك فمالها مسموم ، مسموم ، و هو عليك حرام.
لا تتردد في مراجعة أو إلغاء عقد ترى أنه ابرم بشكل لا يصون مصالح بلديتك ومرر صفقاتك في وضح النهار وأمام الجميع بكل موضوعية وشفافية.
اعمل وأنت عمدة للجميع جاعلا نصب عينيك معاناة الفقراء والضعفاء والمهمشين وميز لهم حظا كبيرا من الرعاية والاهتمام.
سيدي العمدة :
اعلم أن عقدك مع الجماهير التي اختارتك وليس مع الوالي أو قائد الحرس أو الشرطة أو زعيم القبيلة أو الحزب.
سيدي العمدة شمر عن سواعدك وابذل قصارى جهدك وأنسي ساكنة مدينتك العزيزة السنون العجاف، وعندها سوف تكتشف أن الشعوب تصون المودة والإجلال لمن خدمها ودافع عن مصالحها واسترد حقوقها .
إنها مدينتك التي درجت على أرضها وعشت تحت سمائها ، من مياه آبارها شربت ومن واحاتها وبساتنها أكلت . غذتك مدارسها ومحاظرها بلبان المعرفة والعلم حتى خرجتك رجلا نافعا فلها عليك ما لوالديك! فلا تخذلها.
أيها العمدة شق طريقا جديدا لجلب ما ينفع الناس ويمكث في الأرض .
إنها فرصتك لنيل شرف الحياة ونعيم الممات.
الشيخ ولد أحمد
المدير الناشر لوكالة كيفه للأنباء