احموا دماء موظفينا / عبد الوهاب ولد محمد

اثنين, 2016-03-07 19:09

في  الظروف العادية يطالب الموظفون بحمايتهم اجتماعيا من خلال سن قوانين الضمان الإجتماعي وتحديثها كي تتلاءم مع التطور الحاصل وتواكب العصر كما يقال , و ذلك مم خلال زيادة العلاوات العائلية ومرتبات التقاعد .
وتجدر الإشارة إلى أن النصوص المتعلقة بالناحية الإجتماعية  لم يطلها التغيير والتبديل أو التحديث منذ 1967 .

في الظروف العادية يطالب الموظف بحمايته ماليا واقتصاديا من خلال زيادة الأجور وتحسين ظروف المعيشة .
في الظروف العادية يطالب الموظف بالتكوين وتحسين الخبرات من خلال التكوينات في اللغات  والمعلوماتية وغيرها من أدوات العصر .
لكن الآن على المظفين أن يطالبوا بذلك الحق الثابت للإنسان نظرا لإنسانيته وهو حمايته في جسده , أي حقه في السلامة الجدية , وهو حق تنص عليه جميع العهود والمواثيق الدولية والقوانين الدستورية وهو ثابت للإنسان كإنسان أحرى أن يكون موظفا تتكفل الدولة بحمايته ويتولى مهمة السهر على قيام الدولة بوظائفها الأساسية ( الصحة ـ التعليم ـ الأمن ...) .
لقد كثرت وتشعبت حوادث الإعتداء على الموظفين خلال تأديتهم لمهامهم ( معلمين ـ أطباء ـ موظفي وزارت ـ كتاب ضبط ... )
وقد يتم الإعتداء عليهم أحيانا من الأشخاص الذين يرتب عليهم القانون واجب حماية أفراد المجتمع فيغيرون الواجب إلى نقيضه ويعتدون بالسب والضرب على الموظف من غير وازع ديني ولا رادع عقابي وتأديبي .
وقد كان من بين آخر هذه الحوادث حادثة الإعتداء على أحد التلاميذ المعلمين اللذين أخذتهم وزارة التعليم منذ الفصل الثاني كي تسد بهم النقص الحاصل في المدارس , وتستغني بهم عن المتعاقدين أو أكثرهم مقابل تعويض رمزي , اشتكوا من تأخر صرفه إلى الآن .
لقد تبدلت للأسف قيم مجتمعنا وعاداته فبعد أن كان المعلم هو ذلك المربي  المهاب  في أرجاء الحي والقرية والمدينة , أضحى بسبب طغيان المادية وانتكاس المجتمع ذلك الشخص المنبوذ اجتماعيا والمهان فعلا وقولا , فأصبح كل من هب ودب يلقي باللائمة عليه في تأخر المستويات وإن كان يقع على عاتقه جزء من المسؤولية ولكنها مسؤولية في الأخير مشتركة بين عدة أطراف وجهات  من بينهم الأسرة عموما والأم خصوصا .
فأي مصيبة أصابت المجتمع في أخلاقه , فلم يعد يقر معروفا أو ينكر منكرا .
أنا أدعو الموظفين عموما و الأساتذة والمعلمين خصوصا إلى تعلم فنون القتال "Les arts martiaux  "   كي تدافعوا عن أنفسكم إذا تطلب الأمر ذلك .
كما أدعو جهات التعيين إلى تفعيل النصوص المتعلقة بالموضوع والتي تنص من جهة على تغليظ عقوبة الإعتداء على الموظف العام , وعلى التعويض له فورا على أن تتولى الدولة الرجوع على المعتدي بما دفعت من تعويض مقابل الضرر المعنوي والمادي الذي أصاب الموظف .
وهو صريح المادة 23 من القانون 93ـ 09 المتضمن النظام الاساسي للموظفين والوكلاء العمومية للدولة حيث تنص على أنه : " تلزم الدولة بحماية الموظفين من التهديدات وأعمال العنف والسب والقذف والإهانة التي يمكن أن يتعرضوا لها بمناسبة ممارسة وظائفهم , وعند الإقتضاء بتعويض الضرر الناتج عن ذلك .
وتحل الدولة محل الموظف الذي تم تعويضه الضرر اللاحق به جراء التصرفات المشار إليها في الفقرة السابقة لإسترجاع المبالغ المدفوعة للمعني من مرتكبي هذه التصرفات ) .
إذن فالنصوص موجودة وصريحة وما على الجهات المختصة إلا تطبيقها , كما أدعوا الموظفين الذين تعرضوا  للإعتداء أن لا يرضوا بأي تسوية ودية بل لا بد من تقديم الجناة إلى العدالة كي يكونا عبرة لغيرهم , وعلى زملائهم   التعاطف والتكاتف معهم فأي اعتداء على موظف هو في الحقيقة اعتداء على كل الموظفين .