نعم ..الرسالة وصلت !! / عبد الله ولد امباتي

سبت, 2016-02-27 22:03

لقد أراد محمد غلام ولد الحاج الشيخ من خلال المقالة المطولة : هل وصلت الرسالة ؟ ، تقديم رسالة مشفرة تحمل مضامين مهمة ذات أبعاد عميقة تهم كل الموريتانيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية ، ولأن الخطاب الموجه فيها كان بلغة ضبابية ، فإنني أرى أن أقدم ردا سريعا مختصرا يضع النقاط على الحروف في نفس الموضوع لكن من وجهة نظر مختلفة .

لقد أراد حسن البنا في أواخر العشرينات أن يخلق مؤسسات علمية ودعوية وإعلامية تكون نواة لمشروع الدولة الإسلامية ، ومن هذا الفكر انطلق الإسلاميون في موريتانيا فقاموا بتطوير شبكة موازية من المؤسسات ، لنشهد في السنوات الأخيرة تشييد مئات المساجد المستقلة، والعيادات الإسلامية، والمدارس، والهيئات الخيرية والمؤسسات التجارية والإعلامية، وعلى الرغم من أنها منفصلة عن بعضها تنظيمياً، فإن الروابط المتعددة والمتداخلة بين هذه المؤسسات يوحي بقيام مجتمع إسلامي موازٍ خارج مجال الدولة بالإضافة إلى توفير الخدمات التي فشلت فيها الدولة ، لينجح إخوان موريتانيا بإقامة دولتهم داخل الدولة ، وهذا نجاح مشهود كان نتيجة للعمل الجاد والصبر عليه ، لكن ما أزعج محمد غلام ولد الحاج الشيخ هو سياسة الدولة الجديدة المتعلقة بفرض الرقابة على هيئات المجتمع المدني في مصادر تمويلاتها ، وبالأخص الجمعيات الخيرية التي تقوم بتوفير الكفالة للأيتام والأسر ، فهذه الهيئات في نظر أصحابها جزء من الدولة الموازية ولا تنتمي للدولة !!
لا شك أن النظام في الأشهر القليلة الماضية شن حربا غير معلنة على مؤسسات الدولة الموازية ، فإغلاق المعاهد والتضييق على الإعلام ما هي إلا أمور قليلة مما نراه من محاولة إفشال وإرباك مشروع الدولة الموازية ، لكن النظام يعلم جيدا بأنه لا يستطيع مواجهة التوسع الهائل والسريع لهذه الدولة و إنما يحاول إرضاء شركائه بجملة من الإجراءات المعلنة .
يقول ابن سينا : (إذا أردت أن تتحكم في جاهل عليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني) ، فكلما واجه الإسلاميون في موريتانيا مضايقات عبروا عن تلك المضايقة وكأنها حرب على الدين ، أما إذا كان الأمر يتعلق بتشريع الباطل وإعطاء الشرعية لولد عبد العزيز فإن الأمر يتحول إلى عبادة واجبة ، فلولا إسلاميو موريتانيا لما أكتسب ولد عبد العزيز الشرعية ، إذا الإسلاميون أسسوا لهذا الباطل !!
يستشعر الإسلاميون الموريتانيون وجود تهديد يشكل خطرا وجودياً على دولتهم بيد أن الرسالة المعلنة واضحة جدا : - هل يسعى الإسلاميون إلى الحصول على تعاطف المجتمع كنموذج ؟ وهل سيواصلون استخدام نشاطهم الاجتماعي سعياً وراء السلطة السياسية، أم يصبح هذا النشاط هدفاً في حدّ ذاته؟