إنقلاب على منظمة إيرا / سيد محمد ولد اخليل

اثنين, 2016-02-22 22:10

قرأت خبرا من أخبار المناضلين والسياسيين المملة، من تلك الأخبار التي يشغلون بها الناس عما ينفعهم في الدنيا والآخرة.. مما يؤسف له في زمان الديمقراطية هذه أن كل رسم كارتوني متحرك من هذه الزعامات الكثيرة التي تتصدر المشهد بتحقق الشرطين الأساسيين فيها، وهما: متن لوجه وكثرة الحس !،

 يسعى إلى إدارة البلد أو جزء من أهله أو أرضه أو إداراته، ولا يهدف إلا لنفع نفسه وبعض أهله (ليسوا كلهم، فخيره ليس بعام، إن كان أصلا خير).. 

إن هذه الديمقراطية الدخيلة على المسلمين لن تجلب لهم إلا الشر فمتى يفيقون، أقسم بالله لو عرفوا دينهم حق معرفته لما سمحوا لها – على الأقل – أن تكون متحكمة فيه وفيهم، فالدين لا يعطي الفرصة للسفهاء ليعبثوا، وانظروا إلى عبث سفهائها من أهل المظاهرات والتحزبات والحقوق. من يقدر على إيقاف هؤلاء، والديمقراطية تحثهم على النباح والعض بقوانينها ليل نهار ؟!

هل يريد نجوم هذه الديمقراطية والحريات – الجهلة بدينهم في معظمهم - الخير للإسلام والمسلمين ؟ بل هل يريدون الخير لبلدانهم المسكينة ؟ انظروا إلى أكبر حزب معارض في هذا البلد، لن تروا إلا جنونا بمعاداة الحاكم الغاصب في نظره، حتى أنه إذا صاحت ذبابة قيل النظام وراء ذلك !
انظروا إلى سفهاء النضال ممن أوصلهم الجهل إلى حرق كتب المسلمين والموافقة على ذلك على الأقل، إنهم اليوم ينقلبون على الحارق الأكبر، ولا يزالون يزعمون أنهم يتمسكون بالنضال، ولو كان للدين رأي لما تركوا ليعيثوا في الأرض فسادا لأن ولي أمر المسلمين – ولو كان فأرا – هو المسؤول الوحيد عن تطبيق العدل وإحقاق الحق ورفع الظلم عن الناس..
فكروا في عبث هذه الديمقراطية قليلا بارك الله فيكم، على من يثرب هؤلاء السفهاء ؟ أليس على الدولة ؟ أليس على شعوبهم المسكينة التي ستدفع ثمن لعناتهم المتعالية ؟
لقد رأينا نتيجة الخروج على الحاكم في مصر وليبيا وتونس وسوريا. رأينا عداوة هؤلاء النصارى للمسلمين، وتخطيطهم لأذيتهم والقضاء عليهم، واستغلالهم للسفهاء الموجودين في كل بلد مسلم ممن يستبدلون طريق الإسلام ببصل هذه الديمقراطية، عندما يريدون التدخل في شؤون ذلك البلد وأذيته، إما أن يستعينوا بالقاعدة وداعش اللتين لم يعد يخفى إلا على جاهل وديمقراطي تبعية سفهائهما أحداث الأسنان المندفعين لقادتهم العملاء وإن بلغت لحاهم أرجلهم، الذين تتحكم فيهم المخابرات الغربية والإسرائيلية..
أو يستعينوا بسفهاء الديمقراطية الموجودين في داخل البلد "كشباب 25"، والأحزاب السياسية الحاقدة على الحكومة بسبب المصالح الدنيوية الآنية، والمناضلين الحقوقيين، والشياطين المارقين، وكل من يحمل راية العداء للدولة بأي حجة ديمقراطية كانت..
ولو كان هؤلاء يعقلون لتمسكوا بأصول دينهم بدل التعلق بأصول أسيادهم الأجانب، والإستغاثة بهم (حتى سمعنا إخوانيا في ميدان رابعة يدعو ربه – أمريكا - بالإنجليزية)..

لو كان هؤلاء حريصون على مصالح بلدانهم لما ازدادوا انشقاقا وتفرقا (حاول إن استطعت إحصاء عدد الأحزاب والمنظمات الحقوقية والنقابات والمنظمات الشبابية والنسوية والحيوانية، والجماعات الإسلامية المتدثرة بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها، ولن تستطيع، وكلهم يبحث عن لقمة يضعها في فمه لا أشبعه الله، أتحدى أي فرد منهم بينه وبين نفسه أن يقنعها بأنه صادق في نضاله ولا يريد شيئا من الدنيا، وأقول بينه وبين نفسه !).
اسأل نفسك: ما نصيب هذا السياسي أو الحقوقي من العلم الشرعي وتقوى الله ؟ بصراحة لو كان له نصيب منهما لما شاب رأسه في تتبع سنن وقوانين وأفكار الصليبيين، ومن هو أصغر منه أعلم بخبثهم منه. ولما أفسد على المسلمين دنياهم بإحقاقه للباطل الموجود عندهم على أرضه، ولما سعى في خراب بلدانهم بسخافاته الديمقراطية التي أصبح أكثر الناس بسببه يؤمنون بأنها أصل الوجود حتى لأكاد أسمع تهكم القارئ الديمقراطي من هذا المقال، لذا أعيده إلى كتاب ربه وسنة نبيه أولا، وبشرط البعد عن البدع، وإلى ما كُتب في نقد الديمقراطية، وإلى أحوال العالم الإسلامي اليوم، فلينظر إلى مدخل الطائرات الغربية إلى بلدان المسلمين وسيجده متعلقا بالديمقراطية مظاهراتها وفتنها كإثارة النعرات، ولولا قلة أفراد بعض المنظمات المارقة عندنا والحمد الله لكنا في خبر كان، أو عن طريق محاربة الإسلام من خلال وصمه بالإرهاب ممثلا في داعشهم التي يتحكمون في رؤسائها، ويحققون من وراء ذلك منفعتين الأولى تنفير شعوبهم الغافة من الإسلام، والثاني التدخل في أي بلد يريدون، يكفي فقط أن يأمروا داعش بالتسلل إليه والعبث قليلا قبل أن يتدخلوا هم لتعقيد المشكل، وإلا فقل لي بالله عليك هل رأيت داعشا تضر بالمصالح الإسرائيلية والإيرانية وحتى الأمريكية (اقرأ مقابلة قناة روسيا اليوم مع ضابط الإستخبارات الأمريكية سوزان لينداور، وستعرف أن أحداث 11 سبتمبر 2001 من تدبير أمريكا وإسرائيل) .
لقد أصبحت ألاعيب هذا الغرب المعتدي مكشوفة للجميع إلا من غلف الله قلبه بحب ديمقراطيتهم ومبادئهم كبعض الأشخاص المتحررين من الأخلاق، وهذا الإعلام العميل الموجه إلى المسلمين. تصور بلدا عربيا يعرض وثائقي عن بطولات الجيش الروسي في الحرب العالمية الماضية في نفس الوقت الذي تدك فيه طائراتهم إخوته في سوريا غير مميزة بين حجر وشجر وبشر !
وبمناسبة الحديث عن القنوات، توجد 3 قنوات لا أعتقد أنه يوجد مثلها في المسلمين اليوم، إذا شاهدتها ستتعلم الكثير حول دينك وستعرف حقيقة ما يجري في سوريا وهذه المؤامرات التي يدبرها هذا الغرب المتطرف الذي يزعم أنه لا ديني وما رأينا منه إلا تعصبا دينا مفرطا ضد الحق وأهله، فو الله إنهم لأكثر تعصبا وتطرفا لدينهم من اليهود، وإن اظهروا في أفلامهم وإعلامهم عكس ذلك.
هذه القنوات التي أطلب منك الصبر عليها صبر المريض على الدواء هي: قناة البصيرة، وقناة وصال، وقناة صفا (وهذه نصيحة أخوية) أما غيرها فهباء وأكاذيب وألاعيب محبوكة تهدف إلى تشويه الوقائع والدعاية للمجرمين !..
لقد قيل إذا أردت أن تسيطر على العقول فأملك الإعلام والتعليم. فانظروا إلى التعليم الجديد واسألوا أنفسكم أيها الديمقراطيون، ما مكانة الدين ولغته فيه ؟ انظروا إلى الإعلام، وسترون تلميعا لكل رويبضة (الرجل التافه الذي يتصدر). إن شرط ظهوره هو تحديه للدولة أو نفاقه لها (وسحقا بالمناسبة للمنافقين، وإن كانوا أعقل من المعارضين في رأيي)، وخروجه عليها بسياسات وحقوق ومبادئ غيرها، يتبعون السراب ويظنون أنهم بذلك يحسنون صنعا، فيا له من جهل مركب..
لقد علمنا هذا الغرب الذي يكفينا نفاقه في معرفة خبث طريقته التي يسعى إلى فرضها علينا عنوة، الإنتباه لمؤامراته ودسائسه التي لا حصر لها، وإذا تتبعت دسائس مخابرات أكبر دولة فيه، لوجدتها محتقنة بدماء الأبرياء والقاذورات والجرائم التي تترفع عن ارتكابها الحيوانات المفترسة في الغابة..
إن الكذب هو السمة الأساسية لهذه السياسة العالمية ولدعاوى حقوق الإنسان، خصوصا إذا كان المسلمون هم المتضررون (بورما، وسط إفريقيا، سوريا... إلخ)..
الكذب هو السمة الأساسية للسياسة الدولية والمحلية المبنية على النظام الديمقراطي الرأسمالي الجشع، لا تبحث الدول ولا الأفراد التابعون لهذا النظام إلا عن المنافع العاجلة، واسألوا أكبر بلد وأكبر سياسي، وسيجيبكم بالحق إن صدق (ولن يصدق). فما الخير المرتجى من مثل هذا الطريق الهدام المعبد بالأكاذيب والظلم والكفر ؟ والله لن نرى إلا رويبضة يبنون قصورا في الدنيا تعقبها قبورا ملتهبة، لن نرى إلا أفكار هدامة، وتعاون على المصالح والمنافع بدل التعاون على الأخلاق والدين.

أنا اليوم مع بيرام الذي يتعرض لإنقلاب ديمقراطي آخر (بالمناسبة كل من جاء بعد الإطاحة بجالب الديمقراطية تحدث باسمها)، وأقول لكل المنشقين عنه، أما في وجوهكم بقية من حياء حتى تنقلبوا على زعيمكم الذي كان يحرككم كالدمى ؟ ما هذا الغدر العجيب الذي تدفع إليه المصالح في هذا الزمان ؟ أين أنتم من مبادئ الوفاء والدين ؟ زعيمكم محبوس وأنتم تحتفلون بتقسيم منظمته ومجهوده بينكم ؟..
كان ما سبق تحليل سياسي يشبه الكثير من التحليلات التي سينعق بها الغربان قريبا بعد سجن بيرام في منظمة خيالية غير مرخصة تطيح بها منظمة قانونية مرخصة تحمل نفس الإسم، عجبا لألاعيبهم، ضربوا الزعيم المناضل السجين بأذيال القانون الذي طالما تعلق بها !
فما هذه الألاعيب الشيطانية ؟ وهل كان هدف أولئك المنقلبين وزعيمهم السابق مصلحة الحراطين والوطن أصلا ؟ والله إن المسلم البيظاني والحرطاني الطبيعي – غير المريض بأوهام الديمقراطية - ليحرص على مصالح غيره أكثر من حرص هؤلاء عليها، لسبب بسيط، وهو أخلاق الإسلام التي تجمعه بهم والحمد لله (وللعلم تحاول الأفكار الديمقراطية إضعاف هذه الأخلاق بشتى الوسائل الممكنة، لا يخفى ذلك إلا على أعمى البصيرة).. 

إن هؤلاء الديمقراطيون الجدد أسوأ من الدكتاتوريين السابقين بمراحل، فالدكتاتوري أشرف وأكثر بركة من كل ديمقراطي يدب على وجه الأرض، واسألوني لماذا؟
الجواب: لم نر في عهد الدكتاتوري من انفلات للأمن والمظاهرات والمنظمات والأحزاب الكثيرة المقززة كدود متجمع، ونعيق غربان الصحافة والإعلام والفن والشياطين، ما رأيناه في عهد الزعيم الديمقراطي الذي يتحكم فيه المجتمع الدولي ب Télécommande، إضافة إلى قوانين وسنن هدامة مجلوبة من ما وراء بحر الظلمات كحرية التعبير والتظاهر والشذوذ الفكري والجنسي ! (تركيا مثال على الأخير، فقد حضر رئيسها المجاهد المحترم حفل زواج شاذين ذكرين، وبارك لهما !)، فكل ما أطلق ولم يقيد بالدين كانت نتيجته المصائب كما رأينا..
لم نر في عهد الدكتاتوري السابق حاجة إلى تزييف الإنتخاب وترقيص للشعب (14 يوما في الحملات الإنتخابية ولعياط) من أجل انتخاب كذبة مزيفة مدبرة، فأين من البشر من يقبل بالتخلي عن ذلك الكرسي الجميل المريح الموجود في القصر المحروس، حتى في الغرب. ولا تصدق أكذوبة التنازل المريح عن الكرسي هنالك فورائها نظاما من الفوائد المتبادلة يسير الأمور. أما عندنا فأين ذلك الرئيس الملاك الذي يتزحزح عن كرسيه المقدس قيد أنملة نازلا إلى الشارع معرضا نفسه لشماتة المغنيين المنافقين (وإن أردتم رأيي فهو رأي الممثل عادل إمام في إحدى مسرحياته: "الرئيس الذي نعرفه خير من الرئيس الذي لا نعرفه")..
لم نر في عهد الدكتاتوري مواجهة بين الشعب والحاكم كما رأينا في عهد بعض من قبلوا أو أرغموا على قبول المظاهرات الديمقراطية. لقد كانت دكتاتورية الدكتاتوري تقع على منافسيه في الحكم وحدهم، وهذا من وجهة النظر البشرية الأنانية منطقي، أما هذه الديمقراطية ومساواتها فلا وجود لها أصلا على أرض الواقع في عالم البشر، فالشعب لا يستطيع حكم نفسه بنفسه، بل يتلاعب به شياطينه لكسب المزيد من أصواته الإنتخابية التي يستغلونها لتحقيق مآربهم وحدها، وهذا هو الواقع المشاهد، إذ لو كان الشعب يحكم نفسه بنفسه فإن الأكثرية فيه هم الشباب فلم لا يكسب الرهان الرئاسي مغني أو لاعب شهير ؟
أخي، كلها أكاذيب شيطانية لا هدف منها إلا تمديد رقعة حكم إبليس ليحكم السعودية وما جاورها.. انظر إلى العالم الغربي الذي تقتدي به، تأمل في ديمقراطيته وترديده لحق الجميع في فعل ما يشاءون، واسأل نفسك هل أعطاك الحق أيها المسلم في تطبيق شريعتك على أرضك ؟ أما على أرضه فقصص منع المحجبات والمآذن المسدودة أكثر من أن تحصى ! وهذه هي حقيقة الحرية التي يتشدقون بها..
تأمل في ترديده الكاذب أنه يتدخل لنصرة المظلومين في البلدان التي يقصفها – العراق وسوريا وليبيا -، وهو لا يتدخل إلا لإنهاك الجميع، مرة بإسمه ومرة بإسم أعدائه الوهميين (كحزب اللات وإيران وروسيا !).  ألم يتبين لك بعد أنه لا يتدخل إلا من أجل الفتك بالمسلمين ؟
أين العدل الذي يتشدقون به ؟ أين الأخلاق ؟ ما الذي ننتظره ممن شاهدنا تطرفه الديني وأخلاقه البغيضة على أراضي إخوتنا في الله وعبر الإنترنت وفي عواصمه الماجنة ؟! أهذا هو النظام العالمي الجديد، أفضل نظام عرفته البشرية كما يزعمون ؟ ألا سحقا له ولهم ولكل المؤمنين بهم..

إن ما أريد قوله - وهو رأيي الخاص - أن أكثر السائرين خلف هؤلاء منحرفون مثلهم، فلا يجب الإطمئنان لهم، والدليل إعطائهم الأولوية للسبل المتفرقة بهم عن الصراط المستقيم، كقضية حزب التكتل الكبري، وقضية إيرا الصغرى، وما شابهها من القضايا التي مكانها الحقيقي مزابل المجتمع والتاريخ، فليتقوا الله فإن تقواه لا تنفع إلا في الدنيا، وليحسب كل منهم المتبقي له من عمر ويستثمر في الآخرة ساحبا استثماره من هذه الأحزاب والمنظمات والجهات القبلية الشيطانية، ومركزا على بناء قصره في الجنة، ذلك القصر المريح الذي لا موت فيه ولا حاجة إلى مثل هذا النفاق ولا عناء، وذلك هو النضال الصحيح..