في حي شعبي بالعاصمة نواكشوط " منطقة بغداد " غير بعيد من محطة البنزين الشهيرة "توتال الحمراء" استأجر أربعة شباب منزلا من طابقين أختار الشباب الأربعة الطابق العلوي للسكن ، ظن سكان الحي في البداية أن الأمر طبيعيٌ خاصة
أن مجموعة الشباب معروفة في الأوساط الشعبية والإعلامية .. لم يمضِ وقت طويل حتى تولدت لدى سكان المنطقة شكوك حول أمور مريبة تجري داخل سكن الشباب ..!
قاصرات وفتيات في مقتبل العمر يدخلن إلى المنزل وأصوات صاخبة وأعمدة دخان تتصاعد من المبنى وروائح نتنة تزكم الأنوف وتثير السعال .. أصبحت قصة المنزل هاجسا وحديثا محيرا يؤرق ساكنة المنطقة ..!
ذات مساء من سنة 2011 قادتني الصدفة لأكون شاهدا على بعض المشاهد الهليودية .. كنت في زيارة لصديق يسكن المنطقة وبينما نحن خارجون إلى المسجد لأداء صلاة المغرب اجتاحني صوت فتاة تصرخ بأعلى صوتها وبألم شديد .. لقد اغتصبني " يا رجال الغيث .. يا رجال الغيث " هالني الأمر وقلت لصديقي هل سمعت هذا قال لي نعم سمعته وأسمعه كل يوم .. هممت بالصعود نحو الفتاة لإنقاذها لكن صديقي منعني بكل قوةٍ وحذرني من مغبة الدخول في مغامرة مع مجموعة إجرامية ، شعرت حينها بضعف شديد وجبن فظيع وقلة حيلة في الوقت نفسه .. فتاة تغتصب ومآذن الرحمن تدعو الناس لصلاة المغرب..!
واصلت خطواتي متثاقلا إلى المسجد وقلت في نفسي فور انقضاء الصلاة سأصعد المنبر واطلب من جماعة المسجد أن تساعدني في إنقاذ تلك الفتاة المسكينة ، مرت على الصلاة وأنا شارد التفكير لخطورة الخطوة التي سأقدم عليها فقد لا أعود إلى منزلي قبل أن ينغرس خنجر في خاصرتي في أحد أزقة الحي أو على قارعة الطريق وأنا أهم بامتطاء سيارة أجرة .. عدلت عن قراري و فوضت أمري لله وقلت أغير المنكر بقلبي وذلك أضعف الإيمان .
عدنا للمنزل وبدأ صديقي يحكي لي كيف تحول حيهم إلى وكر لهذه الأفعال القذرة وكيف يتم اصطياد القاصرات إلى شقة الوكر .. استغل الشباب النجومية التي اكتسبوها من أغاني الرب التي ينتجوها و تثير حماس الشباب خاصة منهم في سن مبكرة حيث كان الكثير من معجبي نجوم الفرقة ضحايا للاغتصاب وإدمان المخدرات .
علقت بذهني من قصص صديقي قصة لفتاة من الطبقة البرجوازية يبدو أن أحد الشباب أغراها بزيارته في المنزل كانت فتاة جميلة وناضجة تقود سيارة فارهة ، صعدت ذات قيلولة إلى " الشقة الوكر" غير أن مقامها هناك لم يدم طويلا إذ يبدو أنها دخلت في معركة دامية مع صديقها حين اكتشفت أنه ينوى اغتصابها وبعد عنف كبير استطاعت الفتاة أن تصل إلى السُلم الخارجي المؤدي إلى الشقة ، مطلقةً حُنجرتها للسماء خرج جيران المنزل وتحلقوا حول المشهد المثير وبسرعة لحق صديق الفتاة بها وجردها من ثيابها ووجه لها صفعة قوية على الوجه كادت تسقطها وبدأ في سحبها إلى داخل المنزل .. لحق به صديق آخر بدأ في توبيخ الحضور انصرفوا ، انصرفوا هذه "زوزتو" يقصد زوجته .. ولحسن حظ الفتاة كانت هناك محطة للمسافرين نحو الداخل حضر ركابها كانت من بينهم سيدة تربطها صلة قرابة مع الفتاة صرخت بصوت مبحوحٍ متحسرٍ "إنا لله وإنا إليه راجعون هذه فلانة" .. حينها عرف زعيم المجموعة أن أمره قد انكشف وترك يد الفتاة وعاد لداخل الشقة وأغلق عليه الباب نجت الفتاة من الاغتصاب وسقطت مغشي عليها .
تزاحمت في ذهني كل تلك القصص والمشاهد الدرامية وأنا أتابع تكريم منظمة الشفافية التي يترأسها رجل الأعمال الموريتاني محمد ولد بوعماتو لفرقة أولاد لبلاد .. أثار ذلك التكريم في نفسي الكثير من الأسئلة واقتلعتني عاصفة من الذهول والريبة والحيرة ، كيف يقوم رجل أعمال برعاية فرقة هابطة كان آخر إبداعاتها أغنية "محرقة" أساءت لفن "الهيب هوب" ومشجعيه أكثر من إساءتها للوطن ورموزه .. أم أن شفافية ولد بوعماتو تفتح جيوبها وتنثر نقودها فقط حين يتعلق الأمر بتشويه نظام سياسي يختلف معه .. لم أكن أصدق بعض المعلومات المتداولة بشأن وقوف ولد بو عماتو خلف الفرقة وإنتاجها الركيك من الأغاني الفاسقة مثل أفعالها ، غير الأمر لم يعد يقبل التشكيك ، ووقعت الطيور على أشكالها ..!
غادرني احترام ولد بوعماتو إلى الأبد وهو يقف مزهوا بنصره المزيف بين شلته من المجرمين .. وقفزت إلى ذاكرتي قصص عن تاريخ الرجل وجمعه للمال الحرام وقصة جوهرة ثمينة مسروقة من سيدة جنوب إفريقية .