امضيت هذا المساء وقتا ممتعا ومفيدا مع رجل فاضل ممن اختارهم الله وفضلهم تفضيلا.. وهو الاستاذ الفاضل انتوني آندريس الباحث في جامعة مكينزي باستراليا والمتخصص في علم الانتروبولوجيا.
فوجئت حين أتيت لاخذه من شارع جون كندي بوسط نواكشوط حيث وجدت أمامي على الرصيف رجلا بلحية شقراء كثة وبيده قنينة ماء وعلى راسه عمامة سوداء تدلت من ذؤابتها الخلفية بقية قصيرة تماما كما يفعل الدعاة ...تبادلنا التحيات والمقدمات التقليدية للتعارف في السيارة وحين وصلنا لمقهى الكونتوار جعلته يسترسل عن كيف فتح الله قلبه للاسلام وكيف أصبح المسلم الوحيد في اسرته ثم كيف وهو المنحدر من عائلة امريكية ثرية باوهايو يتمكن من الجلوس والمصابرة سنوات طويلة في محظرة المرابط الحاج ولد فحفو "بكلاكة" التي لا يشبهها شيئ في هذا العالم سوى الصور المغبرة الآتية من المريخ !
ثم لماذا يتسمى باسم محمد الفاتح ؟
قال : ان اخلاق المسلمين جذبته الى الاسلام وشاء الله ان يسلم في تركيا ومن هنا أتت التسمية ثم ان رغبة عارمة في الزهد ورفض ماديات ما بعد الحداثة هي التي دفعته لشوامخ واحراش تقانت هناك في رحاب المرابط الحاج حيث النقاء واللامادية وحيث تتركز ألطاف الايمان لمواجهة قسوة الطبيعة وشظف العيش.
فدرس متون الفقه وما كتب الله له ان يتعلم من القرآن الكريم واصبح يكتب بعربية سلسة وجميلة ومن الله عليه بمنن كثيرة أخرى.
بعد صلاة المغرب أحسست ببهجة غير مسبوقة وأنا أراقب صلاة هذا الرجل الالمعي والورع فكم مفرح هو ان ترى شخصا مرموقا من مدائن الجبروت والرفاه الغربي يصلى بخشوع وتبتل ولوعة وبطريقة تحاكي "شوابين"مسومة .. صدقوني :انه مشهد عظيم فعلا!
وضع "الحولي" الاسود فوق كتفيه واختفى عن العالم المحيط كليا حيث ابتلعته النوافل ولعلها حملته الى مكان بعيد جدا وكان في السجود يزداد بريق شعره صفرة ثم احسست بأن هالة ربانية تلف هذا المخلوق النوري والشفاف واللطيف.
اللهم كثر من امثاله ومن أمثال من جذبه الينا انك سميع الدعاء.
اللهم تكفل بداعش والقاعدة وعصابات القتلة التي تنفر الناس الابرياء من دين الله.