كنا وحيدين أنا وهي وعيون بحر ترقبنا من نافذة المقهى المطل
على الشاطيء ...الشمس في طريقها المعتاد صوب حضن الغياب وعلى ثغرها إبتسامة وداع بلون الأصيل ...
عدت إلى البيت قبل ساعة ...بدوت منهكا وشاحبا وأنا أتطلع إلى صورتي في المرآة ...وقفت على عملية تسلل قادتها ثلاث شيبات تمكن من إستصدار إقامات دائمة بجمهورية شعر رأسي "يالطيف"... على عجل تناولت وجبة بيض مقلي أعددتها بالمطبخ...استلقيت على سريري متعبا وعيوني معلقة بسقف الأحلام وأفق التطلعات ...
كل ما أرغب به الآن هو الجلوس أمامها والتمعن في ملامحها ...أتراها تفكر بي ؟ هكذا تساألت ببلاهة في نفسي !
لم أطق البقاء بين جدران "سجني الأربعة" عفوا جدران غرفتي الأربعة.
ألقيت نظرة على كتبي المتناثرة وملابسي المتطايرة وكأن أطفالا قد عبثوا بها ثم قصدت المقهى إستدرارا لضرع الوصل .
انتقيت لنفسي مكانا بركن هاديء تنكسر أمواج البحر عند سفحه ...في إنتظارها تحرقت شوقا وفي نفسي توق للبوح يوشك أن يتحول إلى إعصار مدمر يجرف المقهى والبحر والمدينة ...
بمقدمها اخضرت صحاري الروح وتماوج الوجد في الأعماق ثم شعرت بنفسي أذوب كقطعة سكر بقعر فنجان ...
غرقت في الكتابة...انتبهت والنادل يقف بجانبي طلبا للحساب...
عرفت منه أن الوقت قد حان لإغلاق المقهى ...تحولت بنظراتي للخارج فأدركت أن الليل قد بسط خيامه منذ مدة وأن الوقت بات متأخرا بالفعل وأن أوراقي قد تراكمت فوق الطاولة .
رشفت آخر رشفة من كوب القهوة التي قصدت المقهى "لأجل عيونها" لأعود إلى وحدتي من جديد غريبا يسير وسط ظلام ليلة شتاء باردة يتأبط أوراقا ويفكر بكوب قهوة !!!