العالم تجاوز قضايا المقاومات والحروب العالمية .. العالم يتطور بوتائر مذهلة ويبحر بسرعة في أشرعة زمن العولمة الموار .. ونحن نبني أكشاكا مهترئة من الكذب والخزعبلات التي لا تقدم ولا تؤخر ونبثها على الهواء مباشرة في ديكور مكفهر ومقيت لم تستطع خضرة العلم الوطني الذي تحول إلي "فوكوجاي" شعبوي أن تلطفه.
والمزعج أننا لم نعد نكتفي بممارسة النفاق السياسي ولم نعد نقتصر على تزوير الانتخابات وأعمدة الأنساب .. بل أصبح منا من يمارس عذيطة عبثية جوهرها تزوير التاريخ .. يتحدث عن أمجاد ومقاومات لم تحصل على أرض الواقع .. وإن كان حصل منها القليل الذي نقدر ونجل أصحابه فقد خذلهم أدعياء المقاومة وصادروا إنجازهم وميعوا صورتهم الناصعة وباعوها في الماضي ويحاولون طمسها وبيعها بأبخس الأثمان في نخاسة سياسة الحاضر.. بالله عليكم هل يعد مقاوما من دفعه التنافس مع أبناء جلدته من سكنة أرض البلاد السائبة إلي مراسلة ملوك إسبانيا ودعوتهم لاحتلال الأرض قبل أن يحتلها لفرانسيس ومن والاهم .. ألا يعد الاسبان ومن والاهم مستعمرين أوروبيين ومن أصحاب السوابق؟
ألم يكونوا من صفى الارث الاسلامي في الأندلس ببشاعة واستعمر الصحراء واحتل مدنا مغربية حتي الآن؟
هل يمكن أن نصف من لجأوا إلي المغرب المطالب والطاعن الأول في ذلك الوقت باستقلال موريتانيا مقاومين؟
هل يمكن أن نصف من دعوا للإنضمام لبلاد السودان الفرنسي بالوطنيين المقاومين؟
هل يمكن أن نصف من تعاملوا مع الاستعمار الفرنسي في الداخل مقاومين؟
هل يمكن أن نصف من طالتهم إجراءات تنظيم الفضاء الرعوي والزراعي بين المنمين والمزارعين في المستعمرات الفرنسية مطلع القرن الماضي مقاومين؟
في الحقيقة لا مقاومة ولا هم يحزنون .. لو كانت هنالك مقاومة لما انتهي ما سمي بالمقاومة العسكرية في 1932م ، والمقاومة الثقافية هل كانت هنالك ثقافة أصلا في بلاد السيبة لتكون هنالك مقاومة ثقافية؟ كنا ولعلنا مازلنا حفظة متون تتناهي إلينا وحفظة أشعار من عهد قفا نبكي وكنا مقلدين للآخرين.
إن عمقتكم البحث فستجدون أن كوكبة من أجل علمائنا الذين كنا نصفهم بأنهم سبقوا أزمنتهم وبأنهم أصحاب خوارق ما كانوا في الحقيقة إلا نقلة غير دقيقين لكتب برتغالية تناهت إليهم عبر لاجئين أوروبيين تقطعت بهم السبل على أطراف الصحراء وترجمت ترجمات ركيكة.
دعوكم من كل هذا الهراء ودعوكم من مقاومة لم تحصل في الماضي وولوا وجوهكم شطر تدبر الحاضر واستشراف المستقبل فيدرك بالإنفتاح على مجريات عالمكم الموار ما لا يدرك بتزوير التاريخ ، فالتاريخ قد مات منذ فترة والحاضر هو الموجود والمستقبل هو الموعود ، والمقاومة هي مقاومة التخلف والجهل والشعوذة والعبث والمرض والاسترزاق والنفاق وفي هذه المقاومة التي تتسع للجميع فليتنافس المتنافسون.