بلدية كيفه : الإنجاز للجن فقط!!

سبت, 2015-11-21 10:44

يعطي القانون الموريتاني كثيرا من الامتيازات للبلدية باعتبارها خطوة أولى إلي اللامركزية و تطبيقا أهليا للديمقراطية ,لكننا في كيفه نتساءل لماذا لم تتمكن البلدية أن تفي بما وعدت وما عدت لأجله ؟ أم أن امتيازاتها تلك لا تعدو كونها حبرا علي ورق ؟ أم أن السبب في فشلها هو الساكن نفسه .

صحيح أننا و قبل عقود ستة , كنا نسكن البادية الجميلة المعروفة بنقاوتها و طبيعتها الساحرة , لا نعرف البلدية و لا النظام بالطريقة الغربية , لكننا نعرف المودة و قرى الضيف و التكافل و التعاضد و الصدق و التطهر و النظافة , و أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة . و الترحال الذي ميزنا كبدو عن غيرنا ليس دائما لأجل الأنعام , بل عند ما نلحظ أن الربوع باتت مليئة بالأوساخ و القمامة نقرر الرحيل إلي بيئة أنظف و أنقى مناخا , تطمئن لها النفس و يرتاح لها الضمير , ففي الثقافة السائدة عندنا أن الأوساخ مساكن الجن أي كان نوعها (عظاما : فحما إلي اخ.....)

لكن إشكالية اليوم أن الجميع استقر في المدينة , مما يجعل البلدية المنتخبة من الشعب كفيلة بإيجاد طريقة لصرف الأوساخ حتى ننعم بقدر و لو بسيط من النظافة الصحية , غير أنه للأسف من جاب شوارع المدينة المترامية الأطراف سيصطدم بواقع مر لا يمكن تصوره فالشوارع تغص بالقمامات وبالجيف المتعفنة التي تعكر صفو السكينة و الوقار و تتخطى حدود الحريات الفردية و العامة . و تغاضي البلدية عن هذا الواقع و تقصيرها عن دورها الذي أنشئت من أجله أساسا و تجاهلها لحاجة السكان إلى مدينة نظيفة و عصرية و رميها بعرض الحائط العقد المبرم بينها و بين من انتخبها علي برنامج وا ضح و محدد يجعلها متواطئة في الجرم مع من يرمى زبالته في الشارع و يجعلها مسؤولة أمام القانون الذي بات كل فرد فينا يهتدي اليه .

و مع الإمكانات الهائلة التي تحظى بها البلدية من ميزانية و ممتلكات تخولها القيام بعملها علي احسن وجه ظل سكوتها علي هذه الوضعية التي تعيشها المدينة يدفعنا الي اتهامها بالتحالف مع الجن علي احترام و تقديس القمامة , و أن المساس بها يعتبر خيانة عظمى ! و أن واجبها يكمن في انشاء مزيد من مستوطنات الجن أمام بيوت الإنس ! بعد أن ضاقت بهم الطرقات و الأسواق , إذا استثنينا ما يقام به في سوق الجديدة من تنظيف خجول. و هكذا يبقى المتضرر هو الساكن البسيط الذي حاول مرارا و تكرارا ترويض نفسه علي تقبل المرفوض أصلا , لكن دون جدوى , فالمستشفيات و المصحات خير شاهد على ذلك , و إن كانت هي الأخرى قد ألفت و تعايشت مع قمامات من نوع خاص تتميز بخطر خاص , فالمتضرر دائما يبقى الساكن الذي يدفع في النهاية حياته ثمنا رخيصا لتقبله هذه الوضعية المزرية و سكوته لحسابات اجتماعية أو زبونية .

و مادام الربيع العربي قد أطل بظلاله الوارفة , و جنح إلى تغيير المفاهيم و المقدسات الخرافية بالتي هي أحسن فقد آن لنا أن نصدح بصوت عال جدا : الشعب يريد اسقاط البلدية .

بقلم : الحسن ولد محمد الشيخ