في قلب ولاية لعصابة، وعلى أرض مدينة كيفه، ينطلق مهرجان التمور في دورته الرابعة كحدث سنوي يستقطب المزارعين، العارضين، المستثمرين، والمستهلكين من مختلف أنحاء موريتانيا وخارجها. لا يُعد هذا المهرجان مجرد تظاهرة احتفالية، بل يمثل منصة استراتيجية لتعزيز التنمية الزراعية، وإحياء الثقافة الواحاتية، وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
وتُشرف على تنظيم هذا الحدث المهم وزارة الزراعة والسيادة الغذائية، التي عبّأت مختلف طاقاتها وكوادرها لضمان إنجاح التظاهرة على كافة المستويات. ويُسجَّل للوزارة دورها الريادي في تبني رؤية وطنية للنهوض بقطاع التمور وتعزيز الأمن الغذائي من خلال دعم المهرجانات الإنتاجية، وتثمين المنتجات المحلية، وتوفير فضاء للتلاقي بين المزارعين والخبراء.
يشكل المهرجان فرصة ذهبية لعرض مختلف أصناف التمور المنتجة محليًا. ومع تزايد الإقبال على التمور المحلية لما تتميز به من جودة وطبيعية الإنتاج، يوفر المهرجان مساحة حيوية لخلق علاقات تجارية مباشرة بين المنتجين والمشترين، مما يرفع من دخل المزارعين ويشجعهم على تحسين تقنيات الزراعة والعناية بالنخيل.
ولا يقتصر المهرجان على الجانب التجاري فحسب، بل يحتفي كذلك بالتراث الثقافي المرتبط بالنخيل والواحة. من خلال العروض الشعبية، الأزياء التقليدية، والموسيقى المحلية، يُعاد ربط الأجيال الجديدة بجذورها الزراعية، وتُكرَّم المرأة الريفية التي تلعب دورًا محوريًا في زراعة التمر وتحويله.
ويتميّز المهرجان بمشاركة هيئات إقليمية ودولية مثل جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، إلى جانب وفود من دول شقيقة، ما يفتح آفاقًا للتعاون في مجالات البحث، التسويق، والدعم الفني، ويمهّد لتوسيع الأسواق الخارجية للتمور الموريتانية.
كما تتخلل أيام المهرجان ورش عمل وندوات علمية بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء، يتم خلالها تناول قضايا محورية مثل مكافحة الآفات، تحسين الجودة، وتثمين مخلفات النخيل، في انسجام تام مع توجه الدولة نحو الزراعة المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي.
ينعكس هذا الحدث بشكل مباشر على الدورة الاقتصادية لمدينة كيفه، إذ تشهد الأسواق، والمطاعم، ووسائل النقل حركية لافتة خلال أيام المهرجان. كما تُعد الفعالية فرصة سانحة لترويج المدينة سياحيًا وتعريف الزوار بكنوزها الطبيعية والثقافية، خاصة في ظل دعوة الدولة للأطر والمواطنين إلى قضاء عطلهم داخل الوطن.
إن مهرجان التمور في كيفه ليس مجرد موسم لعرض فاكهة صحراوية، بل هو تجسيد حي لسياسات التنمية المحلية والعدالة الزراعية، وربط الاقتصاد بالثقافة .
المهندس محمد محمود ولد الصيام