ولاية لعصابة: واجهة علمية وسياحية تحتضن النسخة الرابعة من المهرجان الدولي للتمور – كيفه 2025

في قلب موريتانيا، تتربع ولاية لعصابة كأحد أهمّ الأقاليم الوطنية التي تجمع بين الأبعاد العلمية والثقافية والسياحية، ما يجعلها مؤهّلة لأن تكون نقطة جذب وطني ودولي على حد سواء. ويأتي احتضان مدينة كيفه – عاصمة الولاية – للنسخة الرابعة من المهرجان الدولي للتمور لعام 2025، تتويجًا لهذا الدور المتنامي، وتأكيدًا على ما تتميز به من إرثٍ حضاري غنيّ ومقومات تنموية متعدّدة.

كيفه: مدينة العلم والعلماء:
كيفة، بجمال اسمها ومعنا، ليست مجرد حاضرة إدارية أو سوق تجاري نشط، بل هي منارة معرفية ومهد للعلم، خرّجت عبر تاريخها نخبة من العلماء والمثقفين والدعاة، ممن أسهموا في صياغة الفكر المحلي والإقليمي. واحتضانها لهذا الحدث الدولي ليس أمرًا عارضًا، بل امتداد طبيعي لدورها الثقافي والتربوي العريق.

مهرجان التمور: منصة للتنمية المستدامة
يمثل المهرجان الدولي للتمور فضاءً للتفاعل بين الأبعاد الزراعية والاقتصادية والثقافية، حيث يسعى إلى دعم زراعة النخيل ومشتقات التمور، وتحويلها إلى رافد اقتصادي فعّال. وتُشكّل هذه النسخة مناسبة لإبراز جهود الباحثين والمستثمرين في هذا المجال، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الريفية.
مقومات سياحية وطبيعية فريدة:
تتمتع ولاية لعصابة بتنوّع طبيعي يندر وجوده، حيث تلتقي الهضاب بالسهول والواحات، وتتناغم المناظر الخلابة مع الغنى الثقافي للمنطقة. وتمثل هذه المقومات قاعدة صلبة لتطوير السياحة البيئية والثقافية، خاصة إذا ما دُعمت بخطط حكومية واضحة وبمشاركة المجتمع المحلي. واللافت أن كرم السكان وحفاوتهم بالزوار يضيفان قيمة إنسانية لا تقل أهمية عن القيمة الجغرافية والثقافية.

رؤية وطنية داعمة للسياحة الداخلية:
يتّضح في هذا السياق أنّ التوجّه الوطني الذي يتبنّاه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، والمتمثّل في دعم السياحة الداخلية وتنشيطها كرافد اقتصادي وثقافي، يُعدُّ خطوة استراتيجية تسعى إلى إعادة الاعتبار للمقدّرات المحلية وتحقيق العدالة التنموية بين مختلف جهات الوطن. وهو جهد يُذكر فيُشكر، لأنه يفتح آفاقًا جديدة أمام الولايات الداخلية، ومنها لعصابة، لتأخذ مكانتها الطبيعية ضمن خارطة التنمية الشاملة.

لعصابة… مستقبل واعد:
نجاح مهرجان التمور في كيفه لسنة 2025 ليس نهاية المطاف، بل هو بداية لمسار تنموي مستدام، يعزز من مكانة لعصابة كمركز للبحث الزراعي، وكحاضنة لمشاريع التنمية الريفية، وميدان للتكامل بين المعرفة العلمية والتطبيق العملي.

خلاصة
إن ولاية لعصابة، ومدينة كيفه على وجه الخصوص، ليست مجرد نقطة على الخارطة، بل هي منصة تفاعلية للعلم، والتاريخ، والثقافة، والسياحة. واحتضانها لمهرجان التمور الدولي في نسخته الرابعة هو تعبير صريح عن مكانتها المحورية، ودعوة مفتوحة لتوجيه مزيد من الاستثمارات والدعم لهذه الجهة الغنية بمقدّراتها والمتميزة بإنسانها.

الدكتورة: منى الصيام
أستاذة بجامعة نواكشوط
متخصصة في التنمية المحلية والدراسات الثقافية