رفعاً للإلتباس – الملكية العقارية بين القانون والإدارة والإعلام

في ظل تداخل مداد الأقلام مع زخم صفحات التواصل الاجتماعي، تعود قضية الملكية العقارية إلى الواجهة مجدداً، حيث يتهم بعض المواطنين آخرين بالاستحواذ عنوة على قطع أرضية تعود ملكيتها لهم. وتتخذ القضية أبعاداً سياسية وإدارية حين تُحاول بعض الأطراف تحميل الوزير الحالي للعقارات، السيد ولد بوسيف، مسؤولية هذه المسألة، مدعية أن المستفيدين من القطع العقارية ينتمون إلى الحاضنة الاجتماعية لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وأنهم حازوا على هذه القطع بفضل نفوذهم

الحاضنة الاجتماعية للرئيس: بين الواقع والإسقاطات

الحاضنة الاجتماعية لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني ليست مؤسسة قانونية أو إدارية تمنح حقوقاً أو تسلبها من المواطنين. أي ادعاء بأن هذه الحاضنة يمكن أن تمنح أو تنزع ملكية هي ادعاء يتناقض مع مبادئ دولة القانون ومؤسساته. بالمقابل، لا يجوز أن يُسلب المواطن حقوقه أو يُتعرض له بسبب انتمائه الاجتماعي، كما لا يصح اتهامه بشكل كيدي أو مسبق لمجرد هذا الانتماء.

دور الوزارة والمسؤولية الإدارية

‎يُعزي بعض الأطراف إلى الوزير الحالي للعقارات وأملاك الدولة والإصلاح العقاري المختار أحمد بوسيف أحياناً الوقوف وراء منح القطع العقارية للمستفيدين، أو بالتمالؤ معهم. هذه القراءة تفتقر إلى الدقة، خاصة أن القطع موضوع النزاع تعود ملكيتها لعقود سابقة سنة 2007، وأن القطاع العقاري فتح باب المراجعة لحل المشاكل العالقة، والتي هي قيد المعالجة وفقاً لتأكيدات المسؤولين. هنا، تبرز أهمية الفصل بين المسؤولية الإدارية عن القطاع وبين النزاعات العقارية القديمة، التي تتطلب معالجة قانونية وليس سياسية

دور القضاء وسبل الانتصاف  القانونية

‎قد يحصل شطط من بعض المسؤولين، أو يتعرضون لضغوط تحت أي عنوان، لكن الدولة موجودة والقضاء ماثل. على كل مواطن متضرر أن يلجأ إلى القضاء لمتابعة قضيته عبر مراحل التقاضي المختلفة. هذا هو المسلك الأكثر أماناً وفعالية لاسترداد الحقوق، ويضمن حماية القانون للجميع دون استثناء، ولكن في حال توجه رفقة محاميه وأعوانه ولم يجد الانصاف بعد عرضه المستندات والوثائق يمكنه رفع القضية للرأي العام وساعتها سنقف جميعا معه حتى يستعيد حقّه كاملا غير منقوص

‎وسائط الاتصال والواقع القانوني

يعتقد بعض المواطنين أن التهويل الإعلامي واستغلال انتماء الخصم للحاضنة الاجتماعية للرئيس يشكلان طريقة سهلة للحصول على حقوق أو تسويات مريحة. هذه المحاولات لا تمت إلى القانون بصلة، ولا تمنح حقاً أو تعاطفاً مستحقاً ما لم تكن هناك أدلة على واضحة. القانون هو الضامن الوحيد للحقوق، واللجوء إليه هو السبيل الأمثل لإنصاف الجميع ما لم يتم تعطيله.

يجب دائما أن تعزز الثقة في دولة القانون والمؤسسات وإن كانت هناك بعض الاختلالات، لا مكان للاستحواذ على الحقوق بالعنف أو النفوذ، كما لا مكان لاتهام المسؤولين أو المواطنين بشكل كيدي أو مسبق. على الجميع احترام القانون واللجوء إليه في حال وجود أي نزاع أو اعتداء على الملكية. الإدارة والوزارة مسؤولتان عن تسيير القطاع العقاري وفق القانون، والقضاء هو الحكم النزيه بين جميع الأطراف. العدل والانصاف هما أساس دولة القانون. النزاعات العقارية يجب أن تُعالج قانونياً وقضائياً، بعيداً عن التهويل الإعلامي أو استغلال الانتماءات الاجتماعية. القضاء هو الضامن الوحيد للحقوق، والجميع أمامه سواسية.

باحث وكاتب صحفي
سلطان البان