ولى الزمان الذي كان فيه منبر الخميس في جامع الذكر تغلق الشوارع الرسمية من كثرة الوافدين لمحاضراته، فلم يعد للمحاضرات الميدانية رواد ميدانيون كثر، و حتى الشيخ ولد سيدي يحي الداعية العلامة الرباني المميز، لم تعد محاضراته تشهد الزخم الذي كانت تشهد.
لقد تحول المشهد الميداني إلى مشهد افتراضي، و تحول الشخص الواقعي إلى شخص افتراضي، و لنقل بكل تجرد لقد حل الهاتف محل العين و الأذن، فمن يريد أن يُسمع و يُرى فليأت من خلاله.
إن الواقعية منطلق أساسي للفهم و التوصيل، فكما أن العلماء بوبوا على فقه الواقع. فكذلك نحن الآن أمام مجتمع الواقع.
أيها العلماء
إننا نحتاجكم،
نحتاج علمكم و سمتكم و حكمتكم و حضوركم و مروركم أمام أعيننا و في ساحاتنا التي نتواجد فيها.
لا يكفي أن تسجلوا لنا محاضرات، و لا أن تعولوا على نشر محاضراتكم من خلال فلان أو علان، فمن يسيطرون على المشهد هم مشاهير الفلس، و ما أدراك ما مشاهير الفلس!
نحتاج الشيخ محمد الحسن و الشيح محمد ولد سيدي يحي حفظهم الله و غيرهم من العلماء، نحتاجهم مباشرة في وسائل التواصل الاجتماعي و بنفس الطريقة التي يتواصل بها المجتمع الجديد.
نحتاج لحساباتهم في هذا العالم الافتراضي و بثوثهم المباشرة، فتلك الحسابات و البثوث هي منابر اليوم التي حلت محل منابر الأمس المهجورة.
تكلموا لنا بلغة واقعنا، فقد بلغ السيل الزبى.
الشباب و الفتيات لا يسمعون من خلال الوسائل التقليدية، فهم 24/24ساعة تقريبا. في و مع و بجنب الهاتف، و لاشيئ يصلهم إلا من خلاله.
إن كان الحساب له دخل من خلال عدد المتابعين فلتكن حسابات العلماء هي الأكثر دخلا و متابعة.
قد يقول القائل كيف يستساغ أن نجد عالما يبث بثا مباشرا على وسائل التواصل الاجتماعي؟
و نقول له:
و لمن يوجه العالم كلامه إذن، أليس للعامة؟
و أين هي عامة الناس، بل و خاصتهم؟ الجميع هنالك في الهاتف،
إن بثا مباشرا لعالم يمكنه أن يدخل آلاف البيوت و يخترق مسامع و نظرات مئات الآلاف من الشباب خلال دقائق.
إن الصحوة الآن تحتاج أن تكون في وسائل التواصل الاجتماعي بعلمائها و روادها حتى تأخذ مسارا موازيا لذلك الضياع الذي تعيشه مجتمعاتنا اليوم.
تصوروا أن بثا مباشرا لأحد أصحاب المحتويات المنحرفة، يتابعه في نفس اللحظة مئات الآلاف و هم جلوس في بيوتهم و حتى في وقت متأخر من الليل.
لقد أصبحت ظاهرة مشاهير محتويات اللامبالات(إن صح التعبير)، أصبحث تحل محل "المرشد الإجتماعي" للمجتمعات، و بئس المرشد.
فليخرج لنا العلماء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مرشدين و واعظين و ناصحين، عندها سيستفيد المجتمع أكثر و يسمع أكثر و سيعيش العلماء واقع مجتمعاتهم كما هي، و يدركون مكامن الخلل بشكل مباشر و يقومون بواجبهم الإرشادي الذي هو أهل لهم و هم أهل له.
فبادروا أيها العلماء الفضلاء، فإن رعيتكم ها هنالك و الصحوة تحتاجكم هنا على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من أي مكان آخر.
القصطلاني إبراهيم