الخطر القادم من الحدود / بقلم : محمد عمار


Main navigation

 

الخطر القادم من الحدود…/ محمد ولد عمار

Image removed.

تتسارع وتيرة الأحداث على حدود الساحل، حيث تتحول خطوط التماس إلى مسارح مفتوحة للجماعات المسلحة وشبكات التهريب والمرتزقة. وفي ظل هذا المشهد المأزوم، تبدو موريتانيا في موقع الجار المهدد بارتدادات الصراع، وهو ما يستدعي حذرًا شديدًا ورؤية استباقية تحمي الدولة والمجتمع من تداعيات أي انفجار أمني.

المخاطر لا تتوقف عند تبادل النيران عبر الحدود، بل تتجاوزها إلى موجات نزوح بشرية يمكن أن تُرهق البنى التحتية ، وضغوط اقتصادية ناجمة عن تعطيل طرق التجارة وإمدادات السلع الحيوية. كما أن شبكات التهريب العابرة للحدود باتت قناةً لتمويل الجماعات المسلحة، وهو ما يهدد النسيج الاجتماعي المحلي عبر استغلال الفقر والبطالة في عمليات تجنيد صامتة.

ويطرح الخبراء الأمنيون سؤالًا محوريًا: ما الذي ينبغي على نواكشوط فعله قبل أن تصل النيران إلى داخلها؟

الإجراءات الاستباقية تبدو مفتاح الحل. فمن الضروري أولًا تعزيز الحضور العسكري والأمني في النقاط الحساسة، مع نشر وحدات متنقلة مزودة بتقنيات مراقبة متطورة، لتفادي تسلل مجموعات صغيرة أو تهريب السلاح عبر ممرات صحراوية واسعة. بالتوازي، يجب وضع نظام استخباراتي حدودي أكثر إحكامًا، قائم على التنسيق اللحظي مع دول الجوار، لرصد التحركات المشبوهة ومنع امتدادها إلى الداخل.

على الجانب الإنساني، لا بد من التعامل مع النزوح واللجوء بعينٍ مزدوجة: توفير الاستقبال والرعاية وفق معايير دولية من جهة، وضبط عمليات التسجيل والتفتيش من جهة أخرى، منعًا لاختراق أمني محتمل.

 أما اقتصاديًا، فإن دعم المجتمعات الحدودية ببرامج تشغيل عاجلة ومشروعات صغيرة سيكون حائط صدٍّ ضد استغلالها من قبل الجماعات المسلحة.

ولا يكتمل المشهد دون دبلوماسية أمنية نشطة، تنسّق مع الجيران وتستفيد من دعم الشركاء الدوليين، على أن تُدار وفق رؤية وطنية مستقلة تراعي مصالح موريتانيا وأمنها القومي.

إن الخطر القادم من الحدود ليس قدَرًا محتوماً، بل هو تحدٍّ قابل للاحتواء إذا ما اجتمعت الإرادة السياسية والرؤية الأمنية والوعي المجتمعي. موريتانيا اليوم أمام فرصة أن تثبت قدرتها على الصمود، وأن تحوّل موقعها من "جار مهدد" إلى "فاعل إقليمي رزين" يحمي حدوده ويصون استقراره.