تقنية BIM وآفاق التحول في قطاع البناء والأشغال العمومية بموريتانيا: قراءة في مؤتمر BIM World Paris 2025

شهدت العاصمة الفرنسية باريس، مطلع الشهر الحالي، فعاليات "مؤتمر BIM World Paris 2025"، أحد أبرز التظاهرات العالمية في مجال البناء، والذي يركّز على تقنية إدارة المعلومات في البناء (BIM). وقد أصبحت هذه التظاهرة السنوية منصة رئيسية لتبادل الخبرات حول أحدث الابتكارات في قطاع البناء، حيث جمعت نسختها لهذا العام نخبة من الخبراء والمهنيين من مختلف أنحاء العالم.
فرصة للتعلم والتواصل
ضمن وفود المشاركين، أُتيحت لي فرصة ثمينة لحضور هذا المؤتمر المهم، الذي سلط الضوء على التحولات الكبرى التي تشهدها صناعة البناء بفعل التطور الرقمي. وقد وقفت عن كثب على مدى تأثير تقنية BIM في رفع كفاءة تنفيذ المشاريع، من خلال نماذج رقمية ثلاثية الأبعاد تُستخدم في التخطيط والتصميم والتنفيذ، وتتيح توقع المشكلات قبل وقوعها، مع تحسين التنسيق بين مختلف فرق العمل.
ما هي تقنية BIM؟
"BIM" هي اختصار لـ Building Information Modeling، وتعني نمذجة معلومات البناء، وهي تقنية تعتمد على إنشاء نموذج رقمي موحد للمباني والمنشآت. يشمل هذا النموذج جميع البيانات المرتبطة بالمشروع، مما يسمح بإدارة أكثر دقة وشفافية لمختلف مراحل البناء، من الهندسة المدنية والكهربائية والصرف الصحي والتكييف ... ولا تُستخدم هذه التقنية فقط لمحاكاة الواقع، بل أصبحت أداة استراتيجية لتقليل التكاليف، وتحسين الجودة، وتفادي الهدر في الموارد. وهي بالفعل ما تحتاجه الدول السائرة في طريق النمو لتسريع تنفيذ مشاريعها الكبرى بكفاءة وفعالية.
موريتانيا على أعتاب التحول الرقمي
في ظل الطفرة العمرانية التي تشهدها موريتانيا خلال السنوات الأخيرة، خاصة في مشاريع البنية التحتية والأشغال العامة والبناء، تبرز الحاجة المُلِحّة إلى إدماج تقنيات رقمية حديثة تواكب هذا الزخم.
وقد أبرزت جلسات المؤتمر تجارب ناجحة لعدد من الدول الإفريقية والآسيوية التي استعانت بتقنية BIM في تنفيذ مشاريع عملاقة بميزانيات مضبوطة وفي آجال دقيقة.
انعكاسات BIM على واقع البناء والأشغال العمومية في موريتانيا
استناداً إلى ما تم عرضه خلال المؤتمر، يمكن تلخيص أبرز الفوائد المتوقعة لاعتماد تقنية BIM في موريتانيا على النحو التالي:
• تحسين إدارة المشروعات: من خلال تنسيق أفضل وتقليل نسبة الأخطاء والتأخيرات.
• رفع جودة التنفيذ: عبر المعاينة المسبقة للنماذج وحل المشكلات قبل الشروع في العمل.
• تقليص التكاليف والهدر: من خلال الاستخدام الأمثل للموارد.
• تحفيز بيئة الابتكار: بفضل منصة تشاركية تدمج كافة الأطراف المعنية في المشروع.
نحو بناء فعال ومستدام
لقد كان مؤتمر "BIM World Paris 2025" تجربة ملهمة تؤكد أن الرقمنة لم تعد خياراً في قطاع البناء، بل ضرورة حتمية. وإذا ما تم اعتماد هذه التقنية في موريتانيا ضمن إطار مؤسسي وتدريبي مدروس، فإنها قادرة على إحداث نقلة نوعية في هذا القطاع الحيوي، بما يخدم أهداف التنمية الوطنية.

المهندس: محمد محمود ولد الصيام
[email protected]