هل حدث أن طالب المختار ولد داداه رسمياً بمنطقة أزواد المالية؟
لم أقف شخصياً قطُّ على أي أثر لتلك المطالبة إن كانت قد حدثت بالفعل، لكني أستبعد حدوثها أصلا، وإن كان لدى المختار رحمه الله تعالى إيمانٌ بضرورة توحيد «أرض البيظان» واهتمام قوي بإقليم أزواد واتصالات مع القادة الأزواديين الذين استضاف بعضهم في نواكشوط ومنحهم الجنسية الموريتانية. وسبب استبعادي لتلك المطالبة أن منظمة الوحدة الأفريقية، والتي نحن عضو مؤسس فيها، توافقت دولُها بالإجماع على احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، وبموجب هذه الحدود فإن إقليم أزواد كان جزءاً من مالي (السودان الفرنسي)، وبالتالي فلا يمكن للمختار أن يطالب بضمه إلى موريتانيا.
بيد أن المختار واجه المطالبَ والأطماعَ الماليةَ في أرضنا، حيث سعى الرئيس مودي بوكيتا بكل قوة وإصرار إلى استرجاع الحوض بحجة أنه كان جزءاً إدارياً من مالي حتى عام 1944، وكان مدعوماً في سعيه ذلك بكلٍ مِن المغرب والسنغال (رغم الخلاف بين سينغور وكيتا)، بل وجدت مطالبُه وأطماعُه التوسعيةُ دعماً لها مِن بعض القوى السياسية الموريتانية، خاصةً من حزبي «النهضة» و«الاتحاد»، علاوةً على وجود قطاعات سكانية محلية كانت تنزع إلى الدخول تحت السيادة المالية. ولم يكن لدى المختار من الوسائل في مواجهة المطالب والأطماع المالية إلا الإرادة والتصميم والحكمة والصبر، وبفضل هذه الخصال العظيمة استطاع احتواءَ أطماع الماليين الذين عسكر جيشهم عند «حاسي عدل بكرو» وأصروا على البقاء فيه معتبرين إياه ضمن حدودهم، قبل أن يضطروا لسحب قواتهم منه، بفضل إخلاص المفاوض الموريتاني وصبره الاستراتيجي وطول نفسه وتشبثه القوي بالأرض.